مقال حول كتاب “لأنك الله”
مقدمة
يُعتبر كتاب “لأنك الله” للمؤلف الدكتور “علي بن جابر الفيفي” من أكثر الكتب التي أثرت في قلب المسلم ووجدانه. جاء الكتاب ليجعل القارئ يتوقف عند معاني أسماء الله الحسنى، ليعيد له الإحساس بالعظمة التي تحملها هذه الأسماء، ويجعله يشعر بالقرب من الله سبحانه وتعالى، فيصبح تدبره لتلك الأسماء نوعًا من العبادة والاعتراف بجلال الله. كتاب “لأنك الله” ليس مجرد مجموعة من العبارات الأدبية الرقيقة، بل هو دعوة للتأمل في معاني أسماء الله وثمار ذلك التأمل على الإنسان في حياته اليومية. في هذا المقال، سنستعرض بعض من الاقتباسات المؤثرة من هذا الكتاب التي تحمل بين طياتها معاني عميقة تحرك القلوب وتشد الأنفاس.
الجزء الأول: أهمية معرفة أسماء الله الحسنى
من أولى دروس الكتاب هو أهمية معرفة أسماء الله الحسنى وتدبر معانيها. يرى الدكتور علي الفيفي أن معرفة هذه الأسماء يمكن أن تُغير حياة المسلم، وتفتح أمامه أبوابًا جديدة لفهم الحياة والطبيعة الإنسانية والعلاقة مع الله. يقول الفيفي في أحد مقاطع الكتاب:
“عندما تعرف اسم الله، تكتشف عالمًا جديدًا من النور، وتدرك أن معاني هذه الأسماء ليست مجرد كلمات، بل هي محركات للقلب والعقل، تؤثر فيك بشكل مباشر، وتجعلك تعيش في حالة من السكينة والطمأنينة.”
إنه يوضح لنا أن تدبر أسماء الله الحسنى لا يعمق فقط معرفتنا بالله، بل يمكن أن يعيد ترتيب أولوياتنا ويصفي قلبنا من الشوائب التي قد تلوث علاقتنا مع الله. فقد تكمن السعادة الحقيقية في أن نعيش مع تلك الأسماء، في كل لحظة، وفي كل خطوة نخطوها في الحياة.
الجزء الثاني: التأمل في أسماء الله الحسنى
من خلال كتابه، يقدم الدكتور الفيفي تفسيرات رائعة لكل اسم من أسماء الله الحسنى، مما يجعله ينقل القارئ إلى عالم من التأمل الروحي العميق. في كل صفحة، يُلهمك الفيفي أن ترى أسماء الله الحسنى من زاوية جديدة، ليست فقط نظرة سطحية بل تدبر روحاني. في إحدى الفقرات التي يتحدث فيها عن اسم “الرحمن”، يقول:
“الرحمن هو الذي لا يمكن لأي مخلوق أن يحصر رحمة الله فيه، فالله رحيم بكل شيء، وبكل من في الوجود. رحمته لا تتوقف عند الإنسان فقط، بل تشمل كل مخلوق، بل رحمة الله تشمل السموات والأرض، وتبقى بلا حدود.”
هذه الكلمات تحمل الكثير من المعاني العميقة التي تجعل المسلم يتأمل في رحمة الله الواسعة التي لا يمكن لأي كائن أن يحيط بها، ويعيش في سلام داخلي ناتج عن شعوره بعطف الله ورعايته الدائمة له.
في تفسيره لاسم “الملك”، يقول الفيفي:
“الملك هو الذي يملك الكون بأسره، فلا أحد يشاركه في ملكه. كل شيء تحت سلطانه، حتى وإن بدا للبشر أن الحياة تسير بمعزل عن إرادته، فإن كل شيء محكوم بقدرة الله ورغباته، والملك سبحانه هو المدبر لكل الأمور.”
هذا التأمل في اسم “الملك” يعيد للمسلم شعوره بالطمأنينة، حيث يتيقن أن كل ما يحدث في حياته هو بتقدير الله وعنايته. في اللحظات الصعبة، يتذكر المسلم أن الله هو المالك الحقيقي للكون، وأنه لا يخرج شيء عن إرادته، فكل ما يحدث له هو جزء من خطة إلهية محكمة.
الجزء الثالث: التدبر في العلاقة مع الله
من أبرز الاقتباسات التي يذكرها الفيفي في كتابه هو دعوته للتدبر في العلاقة الشخصية التي يجب أن تكون بين المسلم وبين ربه. في إحدى فقرات الكتاب يتحدث الفيفي عن كيفية التأثر الفعلي في حياتنا عندما نعيش مع أسماء الله الحسنى، حيث يقول:
“عندما تتذكر أن الله هو السميع، ستكون حريصًا على أن ترفع يديك بالدعاء لأنك على يقين أن الله يسمعك. وعندما تعرف أن الله البصير، سيكون قلبك مطمئنًا أنك في عين الله، وأنه يراك في كل لحظة.”
هنا يفتح الدكتور علي الباب أمام التأمل في معنى اليقين في قدرة الله، وكيف أن معرفة المسلم بأسمائه الحسنى تجعل منه شخصًا أقوى وأقرب إلى الله في كل الأوقات. يرى الفيفي أن هذا التأمل هو الذي يجعل المسلم في حالة من الإحساس المتواصل بوجود الله، فيعيش حياته كلها في حالة من السكينة والطمأنينة التي لا تتحقق إلا بالتواصل المستمر مع الله.
الجزء الرابع: أثر التأمل في حياة المسلم
في جزء آخر من الكتاب، يشير الفيفي إلى كيفية تأثير هذه الأسماء في الحياة اليومية للإنسان المسلم. يؤكد أن تدبر هذه الأسماء لا يقتصر على لحظات العبادة فحسب، بل يمتد إلى تفاصيل الحياة اليومية. يقول الفيفي:
“التدبر في أسماء الله ليس قاصرًا على الصلاة فقط، بل يجب أن يكون ديدن المسلم في كل لحظة من حياته. فإذا كنت تتأمل في اسم الله الرحيم، سيكون لديك تعاطف مع الآخرين. وإذا كنت تذكر اسم الله القادر، ستشعر بالقوة في مواجهة التحديات.”
التأمل في أسماء الله الحسنى يجعل المسلم يرى العالم من حوله من منظور مختلف. فتتغير نظرته للأحداث والظروف الحياتية، حيث يصبح أكثر صبرًا عند الشدائد، وأكثر رضا عند النعم. من خلال هذا التأمل، يصبح المسلم أكثر تقبلًا للآخرين وأقل تأثرًا بالتحديات المادية.
الجزء الخامس: التأثير الروحي والتربوي للكتاب
يظهر الكتاب بوضوح كيف أن التدبر في أسماء الله الحسنى له تأثير تربوي على النفس البشرية. يذكر الفيفي في إحدى فقراته:
“إن من أعظم ما يمكن أن يفعله الإنسان لنفسه هو أن يتأمل في أسماء الله الحسنى، لأن ذلك يربي قلبه على التواضع، ويمنحه القدرة على التحمل، ويجعله أكثر إيمانًا وثقة بالله.”
ويعكس هذا القول أحد الأبعاد التربوية العميقة التي يحاول الدكتور الفيفي تقديمها. فالتدبر في هذه الأسماء الحسنى لا يساعد فقط في التقرب إلى الله، بل أيضًا في تهذيب النفس، وتعزيز الأخلاق، وتوجيه السلوك الشخصي نحو الأسمى والأفضل.
الختام
يُعد كتاب “لأنك الله” من أبرز الكتب التي تساعد المسلم على إعادة اكتشاف جمال الإيمان وأسرار العلاقة الخاصة التي تربطه بربه. بتدبر أسماء الله الحسنى، يحقق المسلم السكينة الروحية والسلام الداخلي، ويتحصل على طاقة إيجابية تساعده على مواجهة تحديات الحياة. إن هذا الكتاب دعوة للتأمل والتفاعل مع الأسماء الحسنى بعمق، ليعيش المسلم حياته متوحدًا مع الله، فيغمره الشعور بالسلام والرضا.
